قصة قصيرة بقلم: مرشد سعيد الأحمد

 قصة قصيرة

بقلم:  مرشد سعيد الأحمد

                              فوضى 

لقد كان للجديّة التي تربى عليها خلف في طفولته 

وحبه للعمل والتزامه بتطبيق الأنظمة والقوانين 

الأثر الأكبر في سلوكه وتحوله إلى إنسان عصبي المزاج 

بسبب تصرفات زملاؤه واستهتارهم بالعمل 

خلف هذا الرجل الذي تربى في بيئة ريفية ملتزمة دينياً

وصاحبة مبدأ في كل عمل تقوم به أثرت في حياته منذ الطفولة فأصبح محباً لأصدقائه  ويضحى بكل ما يملك لخدمة أبناء قريته حتى سمّي أبو الشيمات.  

بعد تخرجه من الجامعة وأدائه لخدمة العلم تم تعيينه 

مديراً لثانوية في تل ألمگأصيص وحاز بأخلاقه والتزامه ثقة الجهات المعنية مما دفعها إلى تسليمه رئاسة مركز التصحيح الامتحاني في تل ألمگأصيص.  

في اليوم الأول من التصحيح دخل أمينة سر مركز تصحيح التربية الإسلامية  حاملاً بيده ورقة طالب من ديانة أخرى وردت بالخطأ بين الأوراق وتم تصحيح السؤالين الأول والثاني ووضع لهما علامة الصفر ولم تكتشف هذه الورقة إلا عند السؤال الثالث 

مما أثار غضب خلف فتوجه إلى قسم الإسلامية وهو يدمدم ويقول:  

أكيد هؤلاء المشايخ منشغلين بالحديث عن النسوان 

وعندما وصل إلى الطاولة المسؤولة عن تصحيح السؤال الأول لتوبيخهم وجدهم مجتمعين مع أشخاص من عدة طاولات ويتناقشون بموضوع غريب وعجيب يتعلق بزوجة الأخ هل هي محرمة أم يجوز نكاحها  فالبعض يقول يجوز والبعض الآخر يقول تبقى محرمة طالما زوجها على قيد الحياة 

فقال لهم بكلام شديد اللهجة: 

اتقوا الله يا جماعة في عملكم فهو أمانة في أعناقنا جميعاً  نُسأل عنها يوم القيامة.  

ولا يجوز أن نشغل أنفسنا بأمور جانبية خارج العمل

ألم تقرءوا عبارة " قال يسوع المسيح "

لتعرفوا أن هذا الطالب من ديانة أخرى 

فسمع من الطاولة المجاورة أحد المشايخ يقول:  

وانكحوا ما طاب لكم من النساء. . .  . .  .  

فقطع حديثه والتفت إليهم وقال لهم باستهزاء:  

وأنتم أيها المشايخ الأفاضل ما هو موضوع خلافكم

فرد عليه أحدهم قائلاً:  أستاذنا الشيخ أبو العلمين أفتى لرجل من قريتنا  بأن يتزوج بامرأة خامسة بعد أن بخاوي زوجته الأولى أي يجعلها أخته وهذا يخالف الشرع لان الشرع كما نعلم سمح بأربع زوجات بشرط إقامة العدل بينهن

فغادرهم خلف غاضباً ودخل الإدارة وجلس على مكتبه 

وقال للحضور:  هؤلاء المشايخ أمرهم عجيب وغريب 

فثقافتهم لا تتجاوز حدود الحديث عن النسوان والنكاح  وتعدد الزوجات وما إلى ذلك من أفكار هدّامة للأسرة وللمجتمع من خلال فتاوى مزاجية 

فرد عليه أحد الحضور العلمانيين قائلاً:  هذه ليست ثقافة وإنما أسلوب لكسب الحضور شد انتباههم  لهم من خلال تكرار بعض الأحاديث النبوية كقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  ( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ،  لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ) 

وقوله (أشدُّ الناس عذابا يوم القيامةِ اثنانِ:  امرأةٌ عصتْ زوجها،  وإمامُ قوم وهُمْ له كارهونَ)

وقوله (إِذَا دعَا الرَّجُلُ امْرأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فلَمْ تَأْتِهِ فَبَات غَضْبانَ عَلَيْهَا؛  لَعَنتهَا الملائكَةُ حَتَّى تُصْبحَ)

وهذه الأحاديث يذكرونها في مناسبات الأفراح والأتراح والولائم وحتى في السهرات العائلية إن وجد أحدهم فإنه يخلق فتنة بين الأزواج بها

والمصيبة الأكبر من هذا وذاك هي تلك الفضائيات التي تنشر هذه الثقافة وتبث سمومها التي تسيء للدين  وتحرض الشباب من خلال الحديث عن الحور العين  إلى الانخراط في الجماعات المسلحة بذريعة الجهاد وذلك أثناء الرد على استفسارات مزيفة متفق عليها مسبقاً مع أشخاص يجلسون في نفس المبنى 

فرد عليه خلف قائلاً بأسلوب حاد:  والله لن تستطيع هذه الأمة مواكبة الحضارة وتطور الأمم الأخرى حتى تُنصِف المرأة وتعاملها المعاملة التي يرضاها الله لها.  

                                  انتهت

بقلم:  مرشد سعيد الأحمد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

روضة العشاق //بقلم ادريس لخلوفي